ما الفرق بين رحمة منا و رحمة من عندنا؟
في القرآن يستعمل رحمة من عندنا أخص من رحمة منا، لا يستعمل رحمة من عندنا إلا مع
المؤمنين فقط أما رحمة منا فعامة يستعملها مع المؤمن والكافر.
(ولئن أذقناه رحمة منا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي وما أظن الساعة قائمة (50)
فصلت) عامة، قال على سيدنا نوح (وآتاني رحمة من عنده (28) هود)، (من عندنا)
يستعملها خاصة و (منا) عامة.
حتى (نعمة منا) و (نعمة من عندنا)، يستعمل (منا) عامة و(نعمة من عندنا) خاصة مثل
(فإذا مس الإنسان ضر دعانا ثم إذا خولناه نعمة منا قال إنما أوتيته على علم )(49)
الزمر)
(إنا أرسلنا عليهم حاصبا إلا آل لوط نجيناهم بسحر (34) نعمة من عندنا كذلك نجزي من
شكر (35) القمر).
حتى لو ورد هذان التعبيران في نبي واحد يختلف السياق، مثلا في سيدنا أيوب (واذكر
عبدنا أيوب إذ نادى ربه أني مسني الشيطان بنصب وعذاب (41) اركض برجلك هذا مغتسل
بارد وشراب (42) ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة منا وذكرى لأولي الألباب ( 43)
وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب (44) ص)
في سيدنا أيوب في سورة الأنبياء (وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم
الراحمين (83) فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من
عندنا وذكرى للعابدين (84)) قصة واحدة لكن مرة قال رحمة منا ومرة رحمة من عندنا.
ننظر السياق في ص قال (إذ نادى ربه أني مسني الشيطان) وقال في الأنبياء (إذ نادى
ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين) لم يقل (وأنت أرحم الراحمين) في ص، لم يذكر
رحمته، أرحم الراحمين يوسع عليه يعطيه أكثر وكأنه يستجدي من الله، يطلب رحمته سؤال
برحمته، قال ربنا (فاستجبنا له) ولم يقلها في ص، قال (فكشفنا ما به من ضر) ما
قالها في ص، لم يقل فاستجبنا له ولم يقل فكشفنا ما به من ضر.
قال (وآتيناه أهله) وفي ص قال (ووهبنا له أهله) الإيتاء يشمل الهبة وقد تكون اعم
من الهبة زيادة في اللغة، الإيتاء يشمل الهبة وقد يكون في الأموال وهو يشمل الهبة
وغيرها فهو أعم، (آتيناه حكما وعلما (22) يوسف) (وآتينا ثمود الناقة مبصرة (59 )
الإسراء) لا يمكن أن نقول وهبنا (آتيناه الكتاب) آتينا أعم من وهبنا.
قال في الأنبياء (وذكرى للعابدين) وفي ص قال (وذكرى لأولي الألباب) العابدون
يشملون أولي الألباب وزيادة، المكلف يجب أن يكون عنده عقل وإلا كيف يكلف مجانين
ليس عندهم عقل إذن العابدون أولي الألباب وزيادة أي يخاطب أهل العقول.
(وذكرى للعابدين) العابدين فيها خصوصية يعني ليس فقط أولي الألباب، أولو الألباب
وزيادة فصار عندنا أرحم الراحمين واستجبنا له وفكشفنا له والعابدين وآتيناه فأين
نضع رحمة من عندنا؟ نضعها مع كل هذا في آية الأنبياء ..
الخلاصة أن لفظ (رحمة من عندنا) اخص من (رحمة منا) لان الأخيرة
رحمة عامة من الواهب الخالق الراحم رب العالمين وتشمل كل شئ أما اللفظ الأول فهو
خاص يختص به الأنبياء والأولياء والصالحين كما تقدم من البحث ..
نسألكم الدعاء..