منتديات هيئة فقه الرسول الأعظم وأهل البيت الأطهار والصحابة الأبرار
منتديات فقه اهل البيت عليهم السلام ترحب بكم
عزيزي الزائر *** عزيزتي الزائرة
يرجى التفضل بتسجيل الدخول ان كنت
عضوا معنا

او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب
بالانضمام الى اسرة المنتدى

وسنتشرف بتسجيلك
تقبل منا وافر الاحترام والتقدير

الادارة
 استلهام المعاني الإنسانية لثورة الحسين (ع) Uooo_u10
منتديات هيئة فقه الرسول الأعظم وأهل البيت الأطهار والصحابة الأبرار
منتديات فقه اهل البيت عليهم السلام ترحب بكم
عزيزي الزائر *** عزيزتي الزائرة
يرجى التفضل بتسجيل الدخول ان كنت
عضوا معنا

او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب
بالانضمام الى اسرة المنتدى

وسنتشرف بتسجيلك
تقبل منا وافر الاحترام والتقدير

الادارة
 استلهام المعاني الإنسانية لثورة الحسين (ع) Uooo_u10
منتديات هيئة فقه الرسول الأعظم وأهل البيت الأطهار والصحابة الأبرار
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات هيئة فقه الرسول الأعظم وأهل البيت الأطهار والصحابة الأبرار

منتدى شامل لكل الاخوة المسلمين في العالم، اسلامي ،فكري ، فقهي ، علمي ، اجتماعي ، وفق القرآن الكريم والسنة النبيوية الشريفة
 
البوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

بسم الله الرحمن الرحيم (( ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ )) {23}الشورى صدق الله العلي العظيم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (( انما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق )) صدق رسول الله ( ص ) قال أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام (( الدهر يومان يوم لك ويوم عليك ، فإن كان لك فلا تبطر ، وإن كان عليك فاصبر ان الله مع الصابرين 

دعاء ابو عبد الله الحسين بن علي بن ابي طالب عليهما السلام (( اَللّـهُمَّ اَنْتَ مُتَعالِي الْمَكانِ، عَظيمُ الْجَبَرُوتِ، شَديدُ الِمحالِ، غَنِيٌّ َعنِ الْخَلايِقِ، عَريضُ الْكِبْرِياءِ، قادِرٌ عَلى ما تَشاءُ، قَريبُ الرَّحْمَةِ، صادِقُ الْوَعْدِ، سابِغُ النِّعْمَةِ، حَسَنُ الْبَلاءِ، قَريبٌ إذا دُعيتَ، مُحيطٌ بِما خَلَقْتَ، قابِلُ التُّوبَةِ لَمَنْ تابَ اِلَيْكَ، قادِرٌ عَلى ما اَرَدْتَ، وَمُدْرِكُ ما طَلَبْتَ، وَشَكُورٌ اِذا شُكِرْتَ، وَذَكُورٌ اِذا ذُكِرْتَ، اَدْعُوكَ مُحْتاجاً، وَاَرْغَبُ اِلَيْكَ فَقيراً، وَاَفْزَعُ اِلَيْكَ خائِفاً، واَبْكي اِلَيْكَ مَكْرُوباً، وَاَسْتَعينُ بِكَ ضَعيفاً، وَاَتوَكَّلُ عَلَيْكَ كافِياً، اُحْكُمْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا فَاِنَّهُمْ غَرُّونا وَخَدَعُونا وَغَدَروا بِنا وَقَتَلُونا، ونَحْنُ عِتْرَةُ نَبِيِّكَ، وَوَلَدُ حَبيبِكَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِاللهِ، الَّذي اصطَفَيْتَهُ بِالرِّسالَةِ، وَائْتَمَنْتَهُ عَلى وَحْيِكَ، فَاجْعَلْ لَنا مِنْ اَمْرِنا فَرَجاً وَمَخْرجاً بِرَحْمَتِكَ يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ . ))

بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» محاضرة
 استلهام المعاني الإنسانية لثورة الحسين (ع) I_icon22الأحد ديسمبر 18, 2022 4:52 pm من طرف المدير العام

» سيرة حياة الامام الحسن بن علي بن ابي طالب عليهما السلام
 استلهام المعاني الإنسانية لثورة الحسين (ع) I_icon22الأربعاء يونيو 24, 2015 3:53 pm من طرف المدير العام

» برنامج الصلاة: أهميتها وآثارها وأحكامها، بالنص والصوت والصورة، ومن جوانب عديدة..
 استلهام المعاني الإنسانية لثورة الحسين (ع) I_icon22الإثنين يونيو 15, 2015 11:19 am من طرف المدير العام

»  برنامج القرآن الكريم (للجوال): تلاوة وتفاسير وبحث
 استلهام المعاني الإنسانية لثورة الحسين (ع) I_icon22الإثنين يونيو 15, 2015 11:15 am من طرف المدير العام

»  برنامج الصحيفة السجادية (للجوال): شروح وتسجيل صوتي وبحث
 استلهام المعاني الإنسانية لثورة الحسين (ع) I_icon22الإثنين يونيو 15, 2015 11:09 am من طرف المدير العام

» حصرياً مكتبة أهل البيت (ع) - الإصدار الثاني - أكثر من 7000 كتاب
 استلهام المعاني الإنسانية لثورة الحسين (ع) I_icon22الإثنين يونيو 15, 2015 11:04 am من طرف المدير العام

»  الحسيني الصغير: قصص وفلاشات وصوتيات ومرئيات عاشورائية للأطفال والأشبال
 استلهام المعاني الإنسانية لثورة الحسين (ع) I_icon22الأحد يونيو 14, 2015 7:50 pm من طرف المدير العام

» دائرة معارف الشهيد السيد محمد باقر الصدر : كتب وتسجيلات صوتية وصور
 استلهام المعاني الإنسانية لثورة الحسين (ع) I_icon22الأحد يونيو 14, 2015 7:45 pm من طرف المدير العام

» حصرياً ولأول مرة:موسوعة نهج البلاغة-منهج النور:شروح وترجمة ومخطوطات وتسجيلات صوتية
 استلهام المعاني الإنسانية لثورة الحسين (ع) I_icon22الأحد يونيو 14, 2015 1:39 pm من طرف المدير العام

المواضيع الأكثر نشاطاً
لنعطر افواهنا بدخول صرحنا الشامخ بذكر الصلاة على رسول الله عليه افضل الصلاة
سيرة حياة الامام الحسن بن علي بن ابي طالب عليهما السلام
اخواني اخواتي الكرام لنتعلم دروس اللغة العربية من الالف الى الياء
الإمام جعفر الصادق «عليه السلام» .. الجزء الاول تأليف العلامة الجليل الشيخ محمد الحسين المظفر
لنسجل دخولنا الى المنتدى بذكر اسم من اسماء الله الحسني لتنتعش قلوبنا بالايمان وتشرق وجوهنا بنور الله عزوجل
تعـرف على الأئمـة الإثنى عشـر عليهم افضل الصلاة والسـلام ج1
مَثلُ أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى
عاشوراء ثورة في ضميرالانسان
من طب الامام علي بن ابي طالب عليه السلام
لسان حال عبد الله الرضيع مع أمه الرباب
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط منتديات هيئة فقه الرسول الأعظم وأهل البيت الأطهار والصحابة الأبرار على موقع حفض الصفحات
التبادل الاعلاني

انشاء منتدى مجاني




 

  استلهام المعاني الإنسانية لثورة الحسين (ع)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
المدير العام
المدير العام
المدير العام





اسم الدولة : العراق
الجنس : ذكر
الابراج : السرطان
عدد المساهمات : 367
نقاط : 865
النشاط : 0
تاريخ التسجيل : 19/11/2011
العمر : 63
الموقع الموقع : العراق
العمل/الترفيه العمل/الترفيه : مدرس لغة عربية متقاعد
المزاج المزاج : الحمد لله والشكر على ما انعم علينا

 استلهام المعاني الإنسانية لثورة الحسين (ع) Empty
مُساهمةموضوع: استلهام المعاني الإنسانية لثورة الحسين (ع)    استلهام المعاني الإنسانية لثورة الحسين (ع) I_icon22الأربعاء فبراير 08, 2012 1:49 pm

استلهام المعاني الإنسانية لثورة الحسين (ع)
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة على نبينا الأكرم ابو الزهراء محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين
من المعلوم أن ثورة أبي الأحرار أبا عبد الله الحسين (عليه السلام) كانت تطرح كل القيم العظيمة بما فيها القيم الإنسانية والتي سوف أؤكد في مقالتي هذه ، حيث من الواضح أن كثير من أبناء العامة وكذلك الغرب لا يعرفون ماهية هذه الانتفاضة التي هزت العرش الأموي وكذلك صححت مسار الإسلام الذي أخذ ينحى إلى مسارات خاطئة من قبل كثير من الطلقاء والمحسوبين على الإسلام فبقاء الإسلام ودوامه كان بفضل هذه التضحيات التي قدمها سيدنا ومولانا الحسين (عليه السلام) وأهل بيته وصحابته الأبرار. وقد تيسر لي السفر إلى بلدان غربية وشرحت لهم ماهية الثورة ومعانيها العظيمة فصدقوني قد بكوا على هذا المصاب العظيم وكيف يتم قتل هذا القائد الملهم لكل المعاني الخالدة ونخبته الوفية الذين قدموا مهجهم في سبيل ثبوت ورسوخ الإسلام ومبادئه العظيمة ونفس الشيء كذلك في الدول العربية وهنا في عالمنا العربي والإسلامي يكون الأمر أعظم حيث بتوجه من علماؤهم المحسوبين على الدين من وعاظ السلاطين ومن لف لفهم يتم التوجيه على أمور عدة من ابسطها أن يزيد هو خليفة وقد حارب الخارجين على الخلافة وبضمنهم الحسين (ع) ونفس الشيء بالنسبة إلى معاوية حتى أذكر لكم أنه في دول شمال أفريقيا يتم الاحتفال بيوم ((10)) عاشوراء ويقولون كل سنة وأنت طيب ويقدمون الأكل والحلويات للاحتفال بهذا اليوم لأنه تم إفهامهم انه من العشرة التي ذهب فيها نبي موسى إلى ربه ولا يتم التطرق أبدا إلى واقعة الطف وهذا هو التزوير في التاريخ والتحريف من قبل الفكر الأموي.
ولهذا ومن هذا المنطلق سوف انطلق في مبحثي هذا في كيفية إيصال المعاني الإنسانية لثورة أبي الأحرار وخصوصاً في العالم الغربي الذين لا يعرف عامتهم من الناس وحتى المثقفين هذه الثورة الخالدة ،فبعد التطور في المعلومات وخصوصاً الانترنيت وكذلك الفضائيات أدعو ومن هذا المنبر إلى توثيق هذه المعلومات في مسلسلات وأفلام جادة ورصينة تشرف عليها جهاتنا العلمية والدينية والفقهية لتوضيح أهداف هذه الثورة التي خطت حروفها بدماء الأمام الزكية مع أهل بيته الطاهرين وأصحابه المنتجبين وأن تكون مترجمة وتبث بالخصوص إلى العالم الغربي وبعدها إلى العالم العربي وأن يتم التطرق إلى المعاني الإنسانية لهذه الملحمة الخالدة ليس فقط إلى وقائع الواقعة والتاريخ الخاص بها فهناك إحداث إنسانية وتضحيات وإيثار بالنفس لم تحدث في كل التاريخ الإنساني العالمي والعربي فخطباؤنا في المنبر الحسيني جزاؤهم الله ألف خير قد أوصلوا وقاموا بالدور المسند إليهم في توصيل هذه المعاني القيمة لهذه البطولات النادرة والقيم النبيلة لواقعة الطف ولكن لمن إلى شيعتنا وبعض من أرجاء عالمنا العربي والإسلامي والعالم الغربي لم يصل إليهم هذا الصوت الشريف وكثير من عالمنا العربي والإسلامي لم تصل هذه المبادئ العظيمة لهذا الثورة الخالدة، ومن هنا دور الأعلام ممثل الفضائيات والانترنيت بإيصال هذه المعاني وأن يتم التركيز على الجوانب الإنسانية لهذه الواقعة الأليمة والتي سوف أذكر قسم وهي تمثل قطرة بل اقل من ذلك من منهل الإنسانية المتجسدة في ثورة أبي الأحرار ألحسين (ع) وأترك الباقي لأصحاب العلم والدين الأجلاء في توضيح كل الأمور الخافية علينا لأننا ننهل من علماؤنا وفقهاؤنا من علم ودين وسوف أذكر قسم منها وحسب علمي القليل تاركاً الباقي لمن له دراية بها وأوردها في نقاط لكي تكون الصورة واضحة ومبسطة للجميع
1 ـ ونريد أن نوضح في البداية إن الحسين لم يبايع يزيد ولم يقر لأنه كان أم (ص) ((أن لك درجة في الجنة لن تنالها إلا باستشهادك)).
ولكن لنعرض المقولات التي قالها الحسين في هذا المجال والتي توضح عظمة الدور الذي قام في النهوض بالإسلام من كبوته وتصحيح مساره ومدى صلابة وأيمان الحسين بالدور والمهمة العظيمة التي قام بها.
"(إنَّا أهل بيت النبوة ، ومعدن الرسالة ، ومختلف الملائكة ، بنا فَتح الله وبنا يختم ، ويزيد رجل شَاربُ الخُمورِ ، وقاتلُ النفس المحرَّمة ، مُعلنٌ بالفسق ، ومثلي لا يبايع مثله ، ولكن نصبح وتصبحون وننظر وتنظرون أيّنا أحَقّ بالخلافة))
((مَن رأى سُلطاناً جائراً مُستَحلاًّ لِحَرام الله ، ناكثاً عهده ، مخالفاً لِسُنَّة رسول الله ، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان ، فلم يغيِّر عليه بفعل ولا قول ، كان حقاً على الله أنْ يُدخِله مَدخَله ()
((إِنِّي لا أرَى المَوتَ إلا سَعادةً ، وَالحَياةَ مَع الظالمين إِلاَّ بَرَماً ((
(لا وَالله ، لا أُعطِيكُم بِيَدي إعطَاءَ الذَّليل ، وَلا أفِرُّ فِرارَ العَبيد)) "
ومن هنا أحببنا إن نوضح هذا الأمر لكي تكون واضحة من خلال المقولات الخالدة والإنسانية التي ذكرها الإمام الحسين روحي له الفداء وهذه المقولات مروية بكل كتب التاريخ وكل كتب السنة والجماعة.
2 - أول حادثة لسيدنا الحسين (ع) هو خروجه يوم الثامن من ذي الحجة وهي معروفة لدى الجميع وفي يوم التروية وعدم إكماله مناسك الحج ، وقد نصحوه آل هاشم بالمكوث والبقاء ولكن قال إن يزيد سوف يقتلني على أستار الكعبة إذا بقيت ولنأتي إلى ماقاله المؤرخون في تلك الحادثة والتي تدلل على علم أبي عبد الله بمصرعه ومصارع أهل بيته
"إرادة الخروج وخطبته (عليه السلام):
ولما أراد الخروج من مكة، طاف وسعى وأحل من إحرامه وجعل حجه عمرة؛
لأنه لم يتمكن من إتمام الحج مخافة أن يقبض عليه.
[349] - 132 - وعنه:
وروي أنه (عليه السلام) لما عزم على الخروج إلى العراق، قام خطيبا فقال: الحمد لله
وما شاء الله، ولا قوة إلا بالله، [وصلى الله على رسوله] ، خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة، وما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف، وخير لي مصرع أنا لاقيه، كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء، فيملأن مني أكراشا جوفا وأجربة سغبا، لا محيص عن يوم، خط بالقلم، رضى الله رضانا أهل البيت، نصبر على بلائه ويوفينا أجور الصابرين، لن تشذ عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لحمته، وهي مجموعة له في حظيرة القدس، تقر بهم عينه، وينجز بهم وعده، من كان باذلا فينا مهجته،
وموطنا على لقاء الله نفسه فليرحل معنا فإني راحل مصبحا إن شاء الله
[تعالى]." (2)
وهذا له من المعاني القيمة والعظيمة حيث آبى سيد الشهداء إن يسفك دمه الشريف في رحاب الكعبة وهي بيت الله الحرام وهذا مالا يقبله أهل بيت رسول الله (ص) وحادثة وفاة الحسن (ع) ليس بخافية في عدم سفك أي دم ووصيته إلى أخيه الحسين (ع) عندما وقف بعض المحسوبين على الإسلام والطلقاء وعارضوا دفنه قرب جده رسول الله (ص) ولأجل حقن الدماء ووصية الحسن (ع) تم دفنه في البقيع فأي معنى سامي لموقف أبي الأحرار وذهابه إلى الموت وهو يعلم ولكن تمسكه بدينه وعدم أعطاء الذريعة ليزيد (لعنه الله) خرج من مكة وهو يعرف أن منيته واستشهاده سيكون في كربلاء ليقول أن رضى الله من رضا أهل البيت الذين معدن الرسالة ومختلف الوحي ومهبط الملائكة والذين بهم يفتح الله وبهم يختم ، والنقاط سوف توضح أكثر في هذا المجال.
3 - ذه (لا وَالله ، لا أُعطِيكُم بِيَدي إعطَاءَ الذَّليل ، وَلا أفِرُّ فِرارَ العَبيد) فهل يوجد أعظم من معنى إنساني لهذه التضحية العظيمة في سبيل تصحيح مسار الإسلام ومسيرة جده رسول الله (ص) في أخراج أهل بيته من النساء والأطفال وإفهام العالم ماهية يزيد الذي تلبس بثوب الإسلام والخلافة وهي بريئة منه كل البراءة ، ولنقرأ هذه الحادثة التي حدثت مع أخته العقبلة زينب الحوراء (ع)
"عندها أنثنى على قبضة سيفه وأنشد يقول:
يا دهر أف لك من خليل * كم لك بالاشراق والأصيل
من صاحب أو طالب قتيل * والدهر لا يقنع بالبديل
وإنما الأمر إلى الجليل * وكل حي سالك السبيل
فأعادها مرتين، أو ثلاثا حتى فهمتها فعرفت ما أراد، فخنقتني عبرتي، فرددت دمعي ولزمت السكوت، فعلمت أن البلاء قد نزل.
فأما عمتي فإنها سمعت ما سمعت - وهي امرأة، وفي النساء الرقة والجزع -
فلم تملك نفسها أن وثبت تجر ثوبها - وإنها لحاسرة - حتى انتهت إليه، فقالت:
واثكلاه! ليت الموت أعدمني الحياة! اليوم ماتت فاطمة أمي، وعلي أبي، وحسن أخي، يا خليفة الماضي وثمال الباقي!
فنظر إليها الحسين (عليه السلام) فقال: يا أخية! لا يذهبن بحلمك الشيطان.
قالت: بأبي أنت وأمي، يا أبا عبد الله! أستقتلت؟ نفسي فداك.
فرد غصته وترقرقت عيناه وقال:
لو ترك القطا ليلا لنام!
قالت: يا ويلتي! أفتغصب نفسك اغتصابا؟! فذلك أقرح لقلبي وأشد على نفسي! ولطمت وجهها، وأهوت إلى جيبها وشقته وخرت مغشيا عليها!
فقام إليها الحسين (عليه السلام) ، فصب على وجهها الماء وقال لها:
يا أخية! اتقي الله وتعزي بعزاء الله، واعلمي أن أهل الأرض يموتون، وأن أهل السماء لا يبقون، وأن كل شيء هالك إلا وجه الله الذي خلق الأرض بقدرته، ويبعث الخلق فيعودون، وهو فرد وحده، أبي خير مني، وأمي خير مني، وأخي خير مني، ولي ولهم ولكل مسلم برسول الله أسوة.
فعزاها بهذا ونحوه، وقال لها:
يا أخية! إني أقسم عليك فأبري قسمي، لا تشقي علي جيبا، ولا تخمشي علي وجها، ولا تدعي علي بالويل والثبور إذا أنا هلكت. ثم جاء بها حتى أجلسها عندي." (2)
والمقولة المشهورة التي قالها لأبن عمه أبن عباس ((شاء الله أن يراهن سبايا ، وشاء الله إن يراني قتيلاً)) لهي خير دليل على ذلك.
3 - عند ذهابه وفي الطريق إلى كربلاء التقى بالشاعر الفرزدق الذي خيم هو وأمه في مخيم أبا عبد الله (ع) سأله عن أهل الكوفة فقال له (سيوفهم عليك وقلوبهم معك) وهو يعرف ذلك وهم الذين من قبل خذلوا أبوه وأخيه ولكن يمضي في صنع أروع ملاحم البطولة والاستشهاد في التأريخ الإنساني ولكي يبقى دين جده خالداً على مر العصور ووصوله خبر استشهاد سفيره وأبن عمه مسلم أبن عقيل (ع) وانسحاب كثير من أتباعه لعلمهم بغدر أهل الكوفة ولكن مضى في طريقه متمسكاً بدينه وقدره الذي باستشهاده وصنع هذا السفر الخالد في وهب روحه الزكية طلباً في إصلاح أمة جده رسول الله (ص) والذي كان مقدراً من الله سبحانه وتعالى وهذا ما ×بره به جده وابيه (سلام الله عليهم)
4 - ونأتي هنا إلى لحظة للعراق وبدأ مسيرة الاستشهاد حيث كما معروف جاء (الحر بن يزيد الرياحي) هو ومعه ألف فارس لكي يجعجع بالحسين إلى أرض كربلاء وحسب أوامر من الطاغية يزيد وعند وصولهم كانوا قد تقطعت السبل بهم في الحصول على الماء وأشرفوا على الهلاك فما من سيدنا ومولانا أبا عبد الله (ع) إلا إن قام بأسقائهم بالماء وارؤاهم وهو الذي عنده الجمع الهائل من أنصاره وأهل بيته ، وأي صورة إنسانية في أسقاء عدوه بالماء وهم بعد ذلك يمنعون عنه الماء عنه وحتى عن النساء والأطفال وهل وجد في كل كتب التاريخ من يسقي عدوه بالماء وهل الذي يسير به إلى منيته فهل يوجد في كل سفر التاريخ مثل هذا السفر الخالد الذي يصنعه أبا الأحرار وأي مدرسة إنسانية يتعلم بها الإنسان في رحاب هذا الأمام العظيم والذي تعلمها من مدرسة جده وأبيه سلام الله عليهم.
5 - وحتى في طريقه إلى كربلاء كان الجيش الذي يجعجع به كان معه ويصلي مع الحسين (ع) في صلاة الجماعة ويخيم معهم وحتى الأكل وكل شيء فهل يوجد مثل هكذا أليس من المفروض أن يكون على بعد منهم ولا يسمح لهم بالاقتراب منه لأخذ الحيطة والحذر ولكن روحي له الفداء كانً مربياً وقائداً وإنساناً يعلم الناس كيف يكون التعامل الإنساني ويعطي الدرس تلو الدرس في مسيرة استشهاده الخالد على مر الزمن ونورد هذه الحادثة لتأكيد ماذهبنا إليه أنفاً.
"ودنت صلاة الظهر، فقال الحسين (عليه السلام) للحجاج بن مسروق: أذن، رحمك الله!
وأقم الصلاة حتى نصلي! قال: فأذن الحجاج، فلما فرغ من أذانه صاح
الحسين (عليه السلام) بالحر بن يزيد. فقال له: يا ابن يزيد! أتريد أن تصلي بأصحابك
وأصلي بأصحابي؟
فقال له الحر: بل أنت تصلي بأصحابك ونصلي بصلاتك "(3)
6 - وفي طول الطر (لعنه الله) فهل توجد مثل هذه الملحمة الإنسانية التي خطها أبي الشهداء أم كيف هم أهل بيت وصحابة وأنصار هم الذين تربوا في مدرسة سيدي ومولاي أبا عبد الله الحسين (ع) يمضون إلى الشهادة وهم عارفين بها ولكن لا هم لهم ألا مرضاة الله ورسوله وأمامهم لكي يخطوا بدمائهم بأحرف من نور أعلى آيات وأروع أمثال البطولة والحفاظ على دينهم القويم ولو نرجع الى خطبته في مكة والتي قال فيها
((من كان باذلا فينا مهجته، وموطنا على لقاء الله نفسه فليرحل معنا فإني راحل مصبحا إن شاء الله تعالى)).
أذن أشترط على من يسير معه شرطين هو بذل نفسه ومعرفته بأنه سوف يستشهد في سبيل الله وفي سبيل مرضاة الله ومرضاة أمامه أبي عبد الله الحسين والذي يمثل الامتداد الصحيح للدين الإسلامي ، نتزود من عظيم القول في خطبته الى أصحابه المنتجبين حيث يقول:
"وأصحاب الحر بالبيضة، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس! إن رسول
الله (صلى الله عليه وآله) قال: من رأى سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله، ناكثا لعهد الله، مخالفا لسنة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يغير عليه بفعل ولا قول، كان
حقا على الله أن يدخله مدخله.
ألا وإن هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان، وتركوا طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد، وعطلوا الحدود، واستأثروا بالفيء، وأحلوا حرام الله، وحرموا حلاله، وأنا أحق من غير.
قد أتتني كتبكم، وقدمت علي رسلكم ببيعتكم أنكم لا تسلموني ولاتخذلوني، فإن تممتم على بيعتكم تصيبوا رشدكم، فأنا الحسين بن علي، وابن فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، نفسي مع أنفسكم، وأهلي مع أهليكم، فلكم في أسوة، وإن لم تفعلوا ونقضتم عهدكم، وخلعتم بيعتي من أعناقكم فلعمري ما هي لكم بنكر، لقد فعلتموها بأبي وأخي وابن عمي مسلم! والمغرور من اغتر بكم، فحظكم أخطأتم، ونصيبكم ضيعتم (فمن نكث فإنما ينكث على
نفسه) (4) وسيغني الله عنكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته." (5)
7 - وعند وصوله إلى كربلاء ولنأتي الى هذه النقطة ونقف عندها وماذا قال الأمام روحي له الفداء عند وصوله إلى أرض نينوى:
"فقال الحسين (عليه السلام) للحر: سر بنا قليلا ثم ننزل، فسار معه حتى أتوا كربلاء، فوقف الحر وأصحابه أمام الحسين ومنعوهم من المسير وقال: إنزل بهذا المكان، فالفرات منك قريب.
قال الحسين: وما اسم هذا المكان؟
قالوا له: كربلاء.
قال: ذات كرب وبلاء، ولقد مر أبي بهذا المكان عند مسيره إلى صفين، وأنا معه، فوقف، فسأل عنه، فأخبر باسمه، فقال: هاهنا محط ركابهم، وهاهنا مهراق دمائهم، فسئل عن ذلك، فقال: ثقل لآل بيت محمد (صلى الله عليه وآله) ، ينزلون هاهنا." (6)
وبدء مرحلة الحصار والتضييق على أبي الشهداء وقطع الماء عنه وعن عياله وأنصاره آبى أن يقر مذعناً إلى ذلك ومبايعة الطاغية يزيد ولم يرفع السيف ضدهم ولحد ليلة العاشر من عاشوراء كان في نصح دائم ومخافة الله في قتل ذرية رسول الله وسبي حرمه وتحذيرهم بالعذاب الواقع في حال فعل هذا الأمر الجلل ولكن كانوا هم فئة ضالة رضوا بالحياة الدنيا لا هم لهم إلا رضا قادتهم الظالمين والحصول على الدراهم التي يهبها لهم جلاوزة بني أميه وطلب منهم تأخير الهجوم لحد يوم العاشر فقبل ذلك عمرو بن سعد (لعنه الله) وكان يردد روحي الفداء ((لاحول ولا قوة ألا بالله)) وكثير من الأدعية والآيات القرآنية التي تدلل على الصبر على نزول العاقبة والرضاء بقضاء الله الذي لا يرد ولا يبدل
وقال:
"أللهم أنت ثقتي في كل كرب، وأنت رجائي في كل شدة، وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقة وعدة، كم من هم يضعف فيه الفؤاد وتقل فيه الحيلة، ويخذل فيه الصديق ويشمت فيه العدو، أنزلته بك وشكوته إليك، رغبة مني إليك عمن سواك،ففرجته عني وكشفته، فأنت ولى كل نعمة، وصاحب كل حسنة ومنتهى كل وصاحب كل حسنة ومنتهى كل رغبة." (7)
والذي دعاء جده رسول الله (ص) في الطائف عندما خذلوه فما أشبه الحسين بجده محمد (ص) في قلة العدد والخذلان.
وأي فرق بين السماء والأرض بين معسكر أبي عبد الله ومعسكر يزيد بين معسكر الآباء والشموخ والخلود ومعسكر النفاق والمذلة والرخيصين في حب الدنيا والذي صفهم الحسين (ع) بقوله
"((النَّاسُ عَبِيدُ الدُّنْيَا ، وَ الدِّينُ لَعِقٌ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ ، يَحُوطُونَهُ مَا دَرَّتْ مَعَايِشُهُمْ ، فَإِذَا مُحِّصُوا بِالْبَلَاءِ قَلَّ الدَّيَّانُون)) "(8)
والى هنا نتوقف عن تسجيل الملاحم الإنسانية والتي سطرها أبي الأحرار روحي له الفداء لكي نسجل في جزئنا القادم أن شاء الله عن تسطير الملاحم في ليلة عاشوراء ويومها والتي كلها تبعث على الفخر والزهو لمن كان أمامه بهذه البطولة النادرة والتي لم يجد الزمان بها لا في الأولين ولا في الآخرين بعد جده وأبيه وأخيه (سلام الله عليهم أجمعين).
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المصادر:
1 - مثير الأحزان: 41 ، اللهوف: 26 ، كشف الغمة 2: 29 ، بحار الأنوار 44: 366 ، العوالم 17: 216 ، أعيان الشيعة 1: 593 ، معالي السبطين 1: 250.
2 - تأريخ الطبري 3: 316 ، الإرشاد: 232 ، المناقب لابن شهرآشوب: 4 / 99 مع تفاوت يسير، الكامل في التأريخ 2: 560 ، تاريخ اليعقوبي 2: 243 ، البداية والنهاية 8: 191 مع الاختصار.
3 - الفتوح 5: 85 ، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 230 ، اللهوف: 33 من قوله: ألنا أم علينا، أعيان الشيعة 1:596.
4 ـ سورة الفتح
5 - تأريخ الطبري 3: 306 ، الكامل في التأريخ 2: 552 ، إحقاق الحق 11: 609 ، وقعة الطف: 172
6 - الأخبار الطوال: 252 ، معالم المدرستين 3.
7 ـ الإرشاد: 233 ، تأريخ الطبري 3: 318 ، الكامل في التأريخ 2: 561 ذكر قبل الدعاء: ثم ركب الحسين (عليه السلام) دابته
8 ـ بحار الأنوار (الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار (عليهم السلام)): 44 / 382 ، للعلامة الشيخ محمد باقر المجلسي ، المولود بإصفهان سنة: 1037 ، و المتوفى بها سنة: 1110 هجرية ، طبعة مؤسسة الوفاء ، بيروت / لبنان ، سنة: 1414 هجرية.
نستكمل بحثنا ونستمر في استلهام المعاني الخالدة لثورة الحسين والتي تبقى تلك المعنى السامي لكل قيم البطولة والكبرياء والشموخ والتي كانت بحق منار ودليل لكل ثائر في الاستدلال بهدي واقعة الطف وماسطر بها من ملاحم خالدة تبقى خالدة في كل إنسان شريف يؤمن بقيم الحق والعدالة وانتصار المظلوم على الظالم والدم على السيف.
وهذا أصدق ماقاله المستشرق الفرنسي موريس دوكابري بقوله:
يقال في مجالس العزاء أن الحسين ضحى بنفسه لصيانة شرف وأعراض الناس ولحفظ حرمة الإسلام ولم يرضخ لتسلط ونزوات يزيد إذن تعالوا نتخذه لنا قدوة لنتخلص من نير الاستعمار وأن نفضل الموت الكريم على الحياة الذليلة.
وتخيل أنك في الصف الأول من المعركة وصوت الحسين العظيم ينادي: ألا هل من ناصر ينصرنا؟. . وإنك كفرد مطلوب منك أن تجيب أو تستجيب لهذ النداء قبل ان تدبك سنابك الخيول على صدر الحسين العظيم وعندما تصحو من هذه المخيلة ومعركة الحسين قد انتهت مكانيا وزمانياً. . ستكتشف أن الامتحان لم ينته وأن نداء الحسين مازال حتى اللحظة يصرخ بالأجيال ويستحثها ويشعل جذوتها ؛ لكي يبقى طريق الحق مفترقا عن طريق الباطل ولكي لا يبقى طريق الحق موحشا لقلة سالكيه. . عندئذ ستكون نفسك هي من تطلب منك بصوتها الخفي أن تتخذ القرار.
فهذا القرار هو القرار الذي قاله الحر الرياحي عندما وقف وقال أني أخير بين الجنة والنار والتي ذهب إلى أبي عبد الله الحسين ليكفر عن ما قام به تجاه الحسين ويطلب التوبة وبالتالي ينال الخلود والرفعة ويسجل أسمه بمداد من نور في سجل وركب شهداء الركب الحسيني (ع) الخالدون.
ولنأتي الى نقطة مهمة أحببت ان اشير اليها وهي غاية في التضحية والإيثار هو سفير الحسين (قيس بن مسهر الصيداوي) فلنتعرف على هذه الشخصية وهي كما تقول الروايات:
هو قيس بن مسهر بن خالد بن جندب بن منقذ بن عمرو بن قعين بن الحرث بن ثعلبة بن دودان بن أسد بن خزيمة الأسدي الصيداوي. وصيدا بطن من أسد. كان قيس رجلا شريفا في بني الصيدا شجاعا مخلصا في محبة أهل البيت (عليهم السلام).
قال أبو مخنف: اجتمعت الشيعة بعد موت معاوية في منزل سليمان بن صرد الخزاعي فكتبوا للحسين بن علي (عليه السلام) كتبا يدعونه فيها للبيعة وسرحوها إليه مع عبد الله بن سبع وعبد الله بن وال ثم لبثوا يومين فكتبوا إليه مع قيس بن مسهر الصيداوي وعبد الرحمن بن عبد الله الأرحبي ثم لبثوا يومين فكتبوا إليه مع سعيد بن عبد الله وهاني بن هاني وصورة الكتب: للحسين بن علي (عليه السلام) من شيعة المؤمنين: أما بعد فحيهلا فإن الناس ينتظرونك لا رأي لهم في غيرك فالعجل العجل والسلام. فدعا الحسين (عليه السلام) مسلم بن عقيل وأرسله إلى الكوفة وأرسل معه قيس بن مسهر وعبد الرحمن الأرحبي فلما وصلوا إلى المضيق من بطن خبت كما قدمنا جار دليلاهم فضلوا وعطشوا ثم سقطوا على الطريق فبعث مسلم قيسا بكتاب إلى الحسين (عليه السلام) يخبره بما كان فلما وصل قيس إلى الحسين بالكتاب أعاد الجواب لمسلم مع قيس وسار معه إلى الكوفة.
قال: ولما رأى مسلم اجتماع الناس على البيعة في الكوفة للحسين كتب إلى الحسين (عليه السلام) بذلك وسرح الكتاب مع قيس وأصحابه عابس الشاكري وشوذبا مولاهم فأتوه إلى مكة ولازموه ثم جاؤوا معه (1).
قال أبو مخنف: ثم إن الحسين لما وصل إلى الحاجر من بطن الرمة كتب كتابا إلى مسلم وإلى الشيعة بالكوفة وبعثه مع قيس فقبض عليه الحصين بن تميم وكان ذلك بعد قتل مسلم وكان عبيد الله نظم الخيل ما بين خفان إلى القادسية وإلى القطقطانة وإلى لعلع وجعل عليها الحصين وكانت صورة الكتاب: من الحسين بن علي إلى إخوانه من المؤمنين والمسلمين: سلام عليكم. فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو أما بعد فإن كتاب مسلم جاءني يخبرني فيه بحسن رأيكم واجتماع ملئكم على نصرنا والطلب بحقنا فسألت الله أن يحسن لنا الصنع وأن يثيبكم على ذلك أحسن الأجر وقد شخصت إليكم من مكة يوم الثلاثاء لثمان مضين من ذي الحجة يوم التروية فإذا قدم رسولي عليكم فانكمشوا في أمركم وجدوا فإني قادم عليكم في أيامي هذه إن شاء الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قال: فلما قبض الحصين على قيس بعث به إلى عبيد الله فسأله عبيد الله عن الكتاب فقال: خرقته قال: ولم ؟ قال: لئلا تعلم ما فيه. قال: إلى من ؟ قال: إلى قوم لا أعرف أسماءهم. قال إن لم تخبرني فاصعد المنبر وسب الكذاب ابن الكذاب. يعني به الحسين
(عليه السلام).
فصعد المنبر فقال: أيها الناس إن الحسين بن علي خير خلق الله وابن فاطمة بنت رسول الله وأنا رسوله إليكم وقد فارقته بالحاجر فأجيبوه ثم لعن عبيد الله بن زياد وأباه وصلى على أمير المؤمنين فأمر به ابن زياد فأصعد القصر ورمي به من أعلاه فتقطع ومات رضي الله عنه. فترقرقت عينا الحسين (عليه السلام) وقال: * (فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر) * اللهم اجعل لنا ولهم الجنة منزلا واجمع بيننا وبينهم في مستقر رحمتك ورغائب مذخور ثوابك (2)
إلا يحق لمثل هذه البطولة أن تخلد وتعمل الكثير من التمثيليات وهي بطولة تستحق الأشادة بها وحتى عمل لها النصب وتسمية الشوارع او الساحات وحتى المدارس بأسمه؟
ولنستمر في سرد النقاط لنستلهم الدروس والقيم العظيمة للثورة الحسينية ولندخل في ليلة العاشر من محرم والتي هي من أعظم الليالي والتي باعتقادي المتواضع جعلها من الليالي العظيمة والتي لها منزلة خاصة عند الله سبحانه وتعالى.
8 -:
أ) بقاؤهم طوال الليل مابين قاريء للقرآن ومصلي وراكع وساجد وهذا يدلل على صلابة الأيمان لدى معسكر أبي عبد الله الحسين (ع) ومضيهم إلى طريق الشهادة والخلود بقلب ثابت ومؤمنين بالقضية التي يستشهدون من أجلها وإعلاء كلمة الإسلام وبذل مهجهم دون مولاهم أبي الأحرار وكما قيل في زيارتهم بحق ((طبتم وطابت الأرض التي دفنتم فيها)).
ب) موقفهم الثابت عندما طلب روحي له الفداء منهم الذهاب وقال لهم بالحرف الواحد ((أن هذا الليل قد جن فاتخذوه جملاً وأن القوم يطلبونني)) ولكن أبوا أن يتركوا سيدهم تجتثه سيوف ورماح الكفر والطغيان بل الموت وبذل نفوسهم الطيبة دون الحسين (ع) وهذا ما لمسته سيدتنا العقيلة والبطلة زينب (ع) عندما ذكر لهم ذلك روحي له الفداء.
ج) وإلحاقا بهذه النقطة السابقة أحسوا الأنصار بهواجس العقيلة فذهبوا إليها ورباطة الجأش بادية عليهم وكلموها ومن وراء الستار بأنهم ليوث هصورة ودفاع مستميت عن سيدهم وعن حرم رسول فأي شموخ هذا وأي ملاحم يسطرها هؤلاء النخبة الصالحة والتي تذود عن حرم رسول الله (ص) وهذا التلاحم الإنساني فيما بينهم وفي ولاءهم حبهم إلى سيدي ومولاي روحي له الفداء وفي تطبيق مبادئ مولاهم وتصحيح مسيرة الإسلام فهل يوجد في تاريخ الغرب أو التاريخ العربي مثل هذا السفر الخالد في تسطير الملاحم البطولية الواحدة تلو الأخرى.
9 - ونأتي إلى يوم العاشر من محرم اليوم الذي فيه سجلت أعظم رزية في التاريخ باستشهاد أبي الشهداء وسفك دمه الشريف بدم بارد غير مراعين لحرمته وحرمة أبن بنت رسول الله حيث تسجل الملاحم هنا بالتتابع منها:
أ) نصح روحي له الفداء معسكر الكفر والطاغوت ورفع المصحف عسى أن يرجعوا عن كفرهم ويهتدوا إلى طريق الهداية والصلاح ولكن لا حياة لمن تنادي وهذا ما يمثل قمة المواقف الإنسانية التي أبداها أبا الأحرار بصفته أمام عصره حتى أمام أعداءه مع العلم كانوا يضربونه بالسهام والعزف على الطبول لكي لا يسمعه معسكر الأعداء ولنسمع خطبته في معسكر الأعداء:
ويلكم ما عليكم أن تنصتوا إلى فتسمعوا قولي وإنما أدعوكم إلى سبيل الرشاد فمن أطاعني كان من المرشدين ومن عصاني كان من المهلكين وكلكم عاص لأمري غير مستمع لقولي قد إنخزلت عطياتكم من الحرام وملئت بطونكم من الحرام فطبع الله على قلوبكم ويلكم ألا تنصتون؟ ألاتسمعون؟
فتلاوم أصحاب عمر بن سعد بينهم وقالوا: أنصتوا له.
فقال الحسين (عليه السلام): تبا لكم أيتها الجماعة! وترحا أفحين استصرختمونا ولهين متحيرين فأصرخناكم مؤدين مستعدين سللتم علينا سيفا في رقابنا وحششتم علينا نار الفتن التي جناها عدوكم وعدونا فأصبحتم ألباً على أوليائكم ويدا عليهم لأعدائكم بغير عدل أفشوه فيكم ولا أمل أصبح لكم فيهم إلا الحرام من الدنيا أنالوكم وخسيس عيش طمعتم فيه من غير حدث كان منا ولا رأي تفيل لنا.
فهلا لكم الويلات إذ كرهتمونا وتركتمونا تجهزتموها والسيف لم يشهر والجأش طامن والرأي لم يستحصف ولكن أسرعتم علينا كطيرة الدبا وتداعيتم إليها كتداعي الفراش فقبحا لكم فإنما أنتم من طواغيت الأمة وشذاذ الأحزاب ونبذة الكتاب ونفثة الشيطان وعصبة الآثامومحرفي الكتاب ومطفئي السنن وقتلة أولاد الأنبياء ومبيري عترة الأوصياء وملحقي العهار بالنسب ومؤذي المؤمنين وصراخ أئمة المستهزئين الذين جعلوا القرآن عضين.
وأنتم ابن حرب وأشياعه تعتمدون وإيانا تخذلون أجل والله! الخذل فيكم معروف وشجت عليه عروقكم وتوارثته أصولكم وفروعكم ونبتت عليه قلوبكم وغشيت به صدوركم فكنتم أخبث شيء سنخا للناصب وأكلة للغاصب ألا لعنة الله على الناكثين الذين ينقضون الإيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا فأنتم والله! هم (3)
وما فعلوه نفس الشيء مع الأنصاري برير وزهير بن القين وحبيب ابن مظاهر (رضوان الله عليهم). فالغرب يتباهون ويفتخرون ويبثونها إعلاميا عن بعثاتهم التبشيرية ورهبانهم وكيف يعانون من ظروف قاهرة في التبشير بدينهم وما إلى ذلك من الأمور ولكن هل طبقوا ومارسوامثل مما مارس روحي له الفداء ومعسكره من ظروف قتل وعطش وإرهاب؟ قطعاً لا.
ب) وجاءت لحظة الفصل والخيار بين الجنة والنار فنرى أن الحر بن يزيد الرياحي قد أختار الجنة ويذهب إلى معسكر الحسين (ع) ويتوب على يديه وهذا الفارس البطل الذي وجد في الأمام ضالته وأن شاهد بأم عينه عندما جعجع به إلى أرض كربلاء كيف هذا الأمام الورع المتعبد وكيف كان خلقه القرآن وكيف كان أهل بيته وصحابته من أهل بيت نبوة وصحابة أبرار وبالمقابل شاهد معسكر الطاغوت والكفر وحب الدنيا والملذات فآبى ألا أن يكون مع معسكر أبي الأحرار معسكر الذين يخافون الله وحب دينهم ومولاهم والآخرة وزهدوا في دنياهم ويقبل توبته روحي له الفداء فهل يوجد مثل هذا التسامح الإنساني الذي يسطره أبا الأحرار وهو الذي جعجع بالحسين وضيق عليه فالغرب يباهي بالدين المسيحي بالمسامحة وقول المسيح (ع) على الأرض السلام ولكن هل حدث مثل هذا السفر الخالد في تاريخهم القديم والحديث؟ وأترك الجواب لكم.
ج) ويبدأ القتال وتسطير الملاحم الإنسانية الواحدة تلو الأخرى من قبل صحابته فها هم يذودون عنه وبذل مهجهم وهاهو البطل مسلم بن عوسجه (رض) يوصي رفيقه حبيب بن مظاهر (رض) بسيده ومولاه وحينما صُرع مسلم بن عوسجة الأسدي مشى إليه الإمام الحسين (عليه السلام) وحبيب بن مظاهر الأسدي فَدَنا منه حبيب فقال: عزَّ عليَّ مصرعك يا مسلم أبشِرْ بالجنَّة. فقال له مسلم قولاً ضعيفاً: بشَّرَكَ الله بخير. فقال له حبيب: لولا أنِّي أعلم أنِّي في أثرك لاحِقٌ بك من ساعتي هذه لأحببتُ أن توصيَني بكلِّ همِّك حتَّى أحفظك في كلِّ ذلك. فقال له مسلم: بل أنا أوصِيكَ بِهَذا رحمَكَ الله - وأهوى بيده إلى الإمام الحسين (عليه السلام) - أن تموتَ دونه. فقال له حبيب: أفعلُ ورَبُّ الكعبة. (4)
ويأتي وقت الصلاة والتي يأبى أبي الشهداء (ع) إلا أن يقيمها في وقتها والمعركة في أشد أوارها وهل هناك ثباتاً أكثر من هذا؟ وهل هذا كان موجود في معسكر الطغاة يزيد وعبيد الله وعمر بن سعد؟ والذين على أدعاء أئمة الجماعة بأنهم مسلمين ويقاتلون الخارجين على الدين وهذا الأنصاري الذي يذود عن الحسين (ع) وقت الصلاة ويتلقى السهام ويستشهد بين يديه فأي فداء وأي ثبات على الأيمان وأي خلود يصنع هذا الشخص والذي يبشره سيده ومولاه بالجنة التي وعد بها الله عباده المتقين.
د) وهذا مولى سيدي الحسين (ع) جون العبد والذي يستشهد ويضمه الحسين إلى صدره ويصبح ريحه ونفسه أطيب من ريح الجنة وأي تواضع وأي تلاحم وإنساني بين السيد ومولاه وهاهو الدرس الذي يعطيه أبا الأحرار في المفاهيم والتربوية والقيادة الإنسانية بين القائد وبين رعيته والذي تتلمذ عليها في مدرسة جده وأبيه وهو أمام عصره فهل هذا كان يحدث بين كبار قادة الغرب مثل نابليون أو غيرهم بالمعاملة مع جنوده بهذه الكيفية وهل يوجد مثل هذا التعامل الإنساني الذي نجده في حضرة سيدنا ومولانا الحسين (ع) نفسه في الغرب؟
10 - ونأتي إلى الفاجعة الأليمة التي يتفطر فيها قلب العدو والكافر بغض النظر عن الدين والمذهب إلا وهي حادثة طلب الماء إلى عبد الله الرضيع وقتله على صدر أبيه أليس هذا منتهى الوحشية والإيغال في كره آل بيت رسول الله (ص) لأن حتى الرضيع لم ينج من فعلتهم الشنيعة والذين يقول اللعين عمر بن سعد (لا تبقون لهذا البيت باقية) ويريدون من هذا العمل الوحشي أن يستأصلوا العترة الطاهرة بأعمالهم المجرمة واليس هم أنفسهم أجداد النواصب والقاعدة الذين يمارسون نفس الشيء في قتل الأطفال والنساء والأبرياء بحجة الجهاد ورفع راية الإسلام وأي صلابة وأي شموخ لا تجده إلا في هذا الأمام روحي له الفداء وهو ينثر الدم فلم يسقط منه قطرة واحدة دلالة على أن السماء قد تقبلت دم هذا الرضيع وقامت بأسقاءه من حوض الكوثر ويستمر أبا الأحرار في ثباته ولا يقر ولا يعطيهم لأي من هؤلاء مايبغونه فهو الثائر الذي أراد من ثورته أصلاح مسيرة أمة جده التي اعتراها من تلوث وعودة إلى زمن الجاهلية الأولى ولكن بقى الدين ساطعاً وزاهياً بفضل هذه الملحمة الإنسانية التي سطرها أبي الشهداء الحسين (ع).
11 - ونأتي إلى ملاحم يصنعها بطل مغوار الذي أعتبره ليس له مثيل في التاريخ ألا وهو أمامنا أبا الفضل العباس (ع) الذي سطر ملاحم وأقولها بحق لو وجدت في العالم الغربي لكان اسمه مذكور ومحفور في كل كتبهم وشواهدهم ونصبهم فهذا أمامنا العباس (ع) حامل لواء الحسين (ع) والذاب عن أخيه في كل محنه وفي هذه الواقعة فهاهم يأتون إليه من معسكر الأعداء بقيادة شمر اللعين ويطالبوه بالتخلي عن الحسين روحي له الفداء بحجة أنهم أخواله ولكن يأبى ذلك الصنديد الفحل أبن الفحول أن ينولهم ما يريدونه وهو الذي اصطفاه أمير المؤمنين (ع) لكي يكون ناصر وحامل لواء أخيه يوم الطف عندما يكون وحيداً روحي له الفداء في كربلاء فأي تلاحم أخوي وإنساني بين الأخوة وأي تربية تربى بها ذلك البطل قمر العشيرة فهي مؤكدة من قبل أبيه وأخيه وأمه أم البنين.
ونأتي إلى الواقعة التي لا أكاد كلما أذكرها اذرف الدموع والانحناء أجلالاً وأدباً وهيبةً أمام هكذا ملحمة يصنعها هذا البطل ألا وهي عندما طلب العيال والنساء الماء فأبى على نفسه وهو حاميهم وكفيلهم ألا أن يجلب لهم الماء وأنطلق إلى النهر وبالرغم من شدة اشتعال المعركة وهمجية معسكر الأعداء وقاتلهم وكشف عن جانب المشرعة وهو وحده وكثرة معسكر الكفر ألا أن بطولته التي لا يضاهيها أحد وصل إلى نهر العلقمي وأراد أن يشرب الماء ومد يده الشريفة ليأخذ غرفة ولكن روحي له الفداء أبى أن يضع هذه الغرفة في فمه وقال كيف أشرب الماء وأخي الحسين عطشان ألا كان يستطيع شرب الماء وجلب الماء إلى معسكر الحسين؟ ولكن أبت نفسه الشريفة ذلك فهل توجد صورة إنسانية أكثر من هذه أم هل توجد مثل هذا الموقف العظيم في كل تاريخ العالم الغربي أو العالم الإسلامي؟ لا أظن بالتأكيد لقراءتي كل ذلك وهل لو كان موجوداً عندهم ألا يقيمون الدنيا ولا يقعدونها حول مثل هذه البطولة والإنسانية النادرة ويدونوها في كل أعلامهم وكتبهم شاخصة للعيون وفي كل وقت وحين.
وجاءت المأساة باستشهاد السقاء (ع) وكيف تم قتله بصورة وحشية وهمجية يندى لها الجبين ورجع بالماء إلى المعسكر وهناك تكاثر عليه المجرمون وألا عداء وقطعوا يمينه غيلة وغدر ومن وراء وارتجز الرجز المحبوب لكل شيعي من مذهب أهل البيت وهو:
والله إن قطعتم يميني إنّي أحامي أبداً عن ديني
وعن إمام صادق اليقين
ويعتبر هو الشخص الثاني والسند ألأساسي في إصلاح أمة نبينا الأكرم والذي حمل لواء أخيه الحسين (ع) ولم يتوان عن نصرة أخيه فهو السقاء و كفيل زينب قمر العشيرة وباب ألحوائج الذي لم يخيب أحداً حين يدعوه ويقول (يا كاشف الكرب عن وجه أخيه الحسين أكشف كربي بحق وجه أخيك الحسين) وهذا ضريحه الذي يعانق الثريا والذي يبين مكانته العالية والسامية وحين دفنه علي السجاد (ع) سلم وترحم عليه وقال له نعم العم الصابر المجاهد في نصرة أخيه وهو الفحل ابن الفحول والذي شارك في كل معارك أبيه أمير المؤمنين وأمه فاطمة بنت حزام (أم البنين) التي أختارها أبا الحسن لنسبها الشريف ولكي تنجب له ولداً يحمل لواء الحسين ويدافع عنه عندما يكون وحيد في كربلاء واستشهد.
وجاء إليه أخيه الحسين (ع) بعد عرف أن حزام ظهره قد أنقطع باستشهاده وأراد أن ينقله إلى معسكره ولكنه سيدي العباس (ع) طلب عدم نقله لأنه يستحي أن يرجع إلى العيال ولم يأتي أليهم بالماء فما هذه الصورة الشامخة التي رسمها لنا مولانا أبا الفضل (ع) أم ما هي الكتابات التي يجب أن تكتب وبحروف من ذهب حول هذا الموقف الفريد من نوعه في كل أسفار التاريخ وكل مواقفه ألا حري بنا أن نمجد هذه المواقف ونسجلها ونقول هذا تاريخنا وهذا أسفارنا فهل لديكم مثل هذه البطولات والملاحم الإنسانية.
12 - وجاءت المصيبة الكبرى والجريمة بحق الإنسانية التي لا تغتفر وهي دنو لحظة استشهاد أبي الشهداء (ع) وكيف قبل خروجه وهو رابط الجأش ويعرف أن لحظة منيته قد قربت وهاهو يوصي أخته العقيلة زينب (ع) بالعيال والمحافظة عليهم وعلى أبنه العليل السجاد (ع) لأنه يعرف وهو أمام عصره عن الدور العظيم المنوط بهذا الأمام أبنه ويقول لها ((تأسي بالله أخيه)) فهل يوجد مثل هكذا أيمان واستعصام بالله عز وجل عند أحد آخر؟ بالتأكيد لا ألا عند آل بيت رسول الله (ص) وهذا شيء مؤكد. ويظهر الموقف الإنساني الذي لا يستطيع أحد إن يحصيها ألا وهو عند تقبيل العقيلة لأخيها الحسين (ع) إلى نحره وجيده وتقول هذه وصيتك يا أمي قد نفذت ووديعة ردت إلى الله فما أعظم هذا الموقف الذي يبين وبلا أدنى شك أنهم معدن الرسالة ومهبط الوحي ومختلف الرسل والملائكة وأنهم كانوا يعرفون بهذه الفاجعة الأليمة قبل فترة طويلة ولكن امتثلوا لأمر الله سبحانه وتعالى لغاية ألهيه أرادها الله في تصحيح مسيرة الإسلام بهذا القربان وبهذه الوديعة التي صعدت روحها إلى الله والتي بكت عليها الملائكة وجميع سكان السماواتفما أعظم هذه الروح السامية وأجلها وقربها إلى عز وجل وكيف هذه الروح تكون مخضبة بالدماء التي هي سيد شباب أهل الجنة وكيف يقابلون الذين قتلوه ربهم ورسوله ووليه وسيدة نساء العالمين (سلام الله عليهم).
13 - ومضى إلى منيته وهو ثابت النفس وهو رابط الجأش مردداً ((لا حول ولا قوة ألا بالله)) وخرج وقد تعمم بعمامة جده رسول الله (ص) لكي يذكر معسكر الكفر بنسبه ومن هو جده ولكن لاحياة لمن تنادي وبالرغم من كثرة معسكر الكفر والطاغوت إلا أنه قاتل ببطولة نادرة وتنهزم أمامه الجموع وعمرة سبعة وخمسين من عمره الشريف ومانعين عنه الماء ثلاثة أيام وقد استشهد كل عياله وأخوته وأهل بيته أصحابه أمامه ولكن لم ينكسر ولم تصغر روحه الأبية روحي له الفداء وقاتل قتال الأبطال الأشاوس حتى كتب التاريخ ذكرت ذلك وقالت لم نرى قتالاً مثل قتال هذا الشيخ وقد لاقى ما لاقى من صنوف القهر والتعذيب والعطش أليس هو أبن الصنديد قاتل الكفار ومفرقهم وممزقهم وأمام الأنس والجن وداحي باب خيبر وقاتل عمرو ومرحب فهذا الشبل من ذاك الأسد الضرغام سيدي ومولاي أمير المؤمنين علي أبن أبي طالب (ع).
وخرج وهو يدعوا بدعاء جده محمد (ص) الذي دعا بعد خذلان الطائف لدعوة النبي فما أشبه الاثنان روحي لهما وصدق حديث نبينا الأكرم عندما قال ((الحسين مني وأنا من الحسين. . . أحب الله من أحب حسيناه)):
وقال: أللهم أنت ثقتي
في كل كرب وأنت رجائي في كل شدة وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقة
وعدة كم من هم يضعف فيه الفؤاد وتقل فيه الحيلة ويخذل فيه الصديق
ويشمت فيه العدو أنزلته بك وشكوته إليك رغبة مني إليك عمن سواك
ففرجته عني وكشفته فأنت ولى كل نعمة وصاحب كل حسنة ومنتهى كل
رغبة. (5)
14 - وينتهي المطاف بهذه المأساة الإنسانية باستشهاد أبي الأحرار وسيد الشهداء (ع) والذي يخر واقعاً من جواده ولا مكان من جسده الشريف ألا وفيه طعنة أو سيف أو سهم ويتناوشه الأوغاد بالسيوف وهذه المأساة تجري أمام كل قادة الكفر والطاغوت يزيد وعبيد الله أبن زياد وعمرو بن سعد (لعنهم الله) وفي هذه اللحظة يخرج طفلاً صغير هو من ذرية الحسن المجتبى (ع) وهو عبد الله ابن الحسن (ع) ويذهب إلى عمه ويجلس في حجره ويحاول أحد معسكر الكفر بضرب الحسين (ع) فينهره ويزجره ويقول كيف تضرب عمي وفي داخل الفتى أن هذا أمام عصره وأبن بنت رسول (ص) وسيد شباب أهل الجنة فيلتفت اللعين إلى الفتي ويقتله ونقول أهم هؤلاء أبطال الإسلام والفاتحين للبلاد وناشرين الدين الإسلامي والذي لا يتورع عن قتل طفل صغير؟ أكيد هم وليعذرني القارئ الكريم أني انسبهم إلى الإرهابيين والقاعدة في هذا الزمان والذي تغيرت وجوههم فقط ولكن الأسلوب نفسه مع تغير أساليب القتل والدمار. ولنرجع إلى هذا الطفل وما هي الشجاعة التي يمتلكها بحيث يرد على ذلك الجندي وينهره ويوبخه أكيد أنها شجاعة أهل البيت الذي زقوا العلم زقاألا يفترض بهذا الطفل أن يمجد أسمه ويرفع في عليين وأنا متأكد لو كان في الغرب لأطلقوا أسمه حتى على مدارسهم وفي ساحتهم وحتى على الصناديد الذين استشهدوا في هذه الواقعة أليس بنا حرياًً أن نكرمهم ونمجد أسمائهم.
وجاءت اللحظة التي يذرف فيها دماً وليس دمعاً كل مسلم شريف وهي لحظة حز رأسه الشريف وحاول كثير من أزلامهم بالحز ولكنه كان منشغل عنهم بالدعاء إلى ربه ويناجيه ويقول ((الهي إن كان هذا يرضيك لك العتبي فخذ حتى ترضى)) ولكن رهبتهم من هذه الطلعة البهية والوجه المشرق والنور الساطع الذي هو من نور جده وأبيه وأمه وأخيه والذين خلقوا وكانت أسماؤهم على العرش قبل آدم ولكن المجرم موجود في كل زمان ومكان فيأتي الشمر اللعين أبن اللعين ويحز رأسه من قفاه وهو عطشان وخائر القوى وبدون أي رحمة ليتفجر الدم العبيط تحت كل صخرة ولتكفهر السماء ولتمطر مطراً أسود مشوب بالدم وأي أمام قتل وأي شهيد اغتالوه وأي جريمة لا تغتفر اقترفها هؤلاء الأوغاد بقتلهم أبن بنت رسول الله (ص) فلا هذا أسلام ولا يمت إلى الإنسانية بأي شيء ولا يمت بأي صله إلى ديننا الذين يتبجحون به ولحد الآن وصدقوني لقد وصفنا هذه الواقعة لأربعة من السواح الذين يدورون حول العالم مشياً على الأقدام عندما كنت في ليبيا مع جماعة من ألأخوة العراقيين المدرسين وباللغة الإنكليزية فبكوا بكاءً شديداً ومعهم امرأة وحزنوا وأرادوا المزيد من التوضيح والكتب ولكن قلة المصادر في ذلك في زمن الصنم هدام فأوضحنا ما قدرنا عليه مع التكتم لأن في ذلك البلد كانوا يكرهون وينفرون من كل شخصٍ من مذهب أهل البيت.
ولنتوقف الى هنا ونستكمل بقية الموضوع في جزئنا القادم أنشاءالله أن كان لنا في العمر من بقية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المصادر:
1 ـ تاريخ الطبري: 3 / 277 راجع الكامل: 20.
2 ـ تاريخ الطبري: 3 / 301 308.
3 ـ موسوعة كلمات الحسين. موسوعة الحديث في لجنة باقر العلوم (ع). ص 511
4 ـ مؤسسة الأمام علي (ع) صديق لندن .www.najaf.org/ /a 34. php؟ l = آرا
5 ـ الإرشاد: 233 تأريخ الطبري 3: 318 الكامل في التأريخ 2: 561 ذكر قبل الدعاء: ثم ركب الحسين. . .
نظرة إسلامية حول عاشوراء
سماحة
آية الله العظمى
السيد محمد حسين فضل الله
لماذا الإستغراق في الماضي؟
قد يتسائل البعض: ماهو مبرر إثارة ذكرى عاشوراء في كل عام بالنحو الذي يستثير البكاء والحزن على واقعة مضى عليها أكثر من ثلاثة عشر قرنا؟ فإن أي تاريخ لا بد أن يحتوي الكثير من المآسي الخاضعة لظروفها الموضوعية، إن في دائرة الصراع بين خطين أو في نطاق حركة الأقوياء ضد المستضعفين، مايجعل من مسألة المأساة التاريخية أمرا طبيعيا يجب التعامل معه على هذا الأساس. وقد يعتبر بعض آخر أن عاشوراء عنصر إثارة للحساسيات المذهبية، خصوصا وأن السياق التاريخي لإحياء الذكرى جعلها قضية شيعية موجهة ضد السنة، باعتبار أن السنة يحترمون بني أمية، مايجعل الحديث عن هؤلاء بشكل سلبي (تفرضه طبيعة الإحياء) قد يترك نتائج سلبية على واقع الوحدة الإسلامية، أو على واقع السلم الإسلامي العام.
أمام هذين الطرحين يمكن إبراز ملاحظتين:
أولا: حضارية إحياء التاريخ
إن مسألة استعادة التاريخ عن طريق إحياء ذكراه هو أمر إنساني حضاري تحافظ عليه الشعوب والمجتمعات على اختلاف اتجاهاتها وثقافاتها، حيث نجد العالم كله يحتفل بكل سنة بذكرى قد تتصل بانتصار وطني أوقومي في معركة قد ترقى الى مئات السنين، أو بمأساة قد تكون نتيجة صراع اجتماعي أو سياسي يرقى الى عشرات أو مئات السنين، وليست احتفالات الإستقلال التي تحييها الدول إلا شاهد ودليل على تجذر هذا السلوك في الوجدان الإنساني العام. ثم إن الحاضر في كل مواقعه لا يعيش انفصالا عن التاريخ، حيث نجد أن الإنسان الذي يحاول أن يؤكد نفسه ويؤصل مرحلته ويركز خطواته في الإتجاه الذي يريده في تقدمه وتطوره، يشعر بأن في التاريخ نقاطا مضيئة تبقى حاجة لكل مرحلة يعيش فيها نوعا معينا من الظلام، أو أن فيها درسا يرتبط بالحياة كلها ولا يقف عند مرحلة معينة، أو لأن هناك حاجة الى نوع من أنواع الإثارة التي لا يجد الإنسان عناصرها الحيوية في الحاضر فيحاول أن يجتذبها من خلال التاريخ. كل ذلك يجعل من مسألة استعادة التاريخ أمرا حيويا ذا فوائد كثيرة في حياة الإنسان، ولعل هذا الأمر هو ما أشار إليه القرآن الكريم في قوله تعالى: (لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب) ، والذي يؤكد على أن قيمة التاريخ في الإسلام هي قيمة العبرة التي تفتح الحدث على الفكرة، وترصد الثوابت التي لا تخضع في خصوصياتها للفترة الزمنية، بل تشمل كل خطوط الزمن من خلال أنها خصوصيات الحياة كلها، وهذا هو الأمر عينه الذي يجعلنا نرتبط بأشخاص التاريخ ورجاله، خصوصا من كان منهم في المواقع القيادية للإسلام، لأن حركتهم ليست حركة اللحظة التي عاشوا فيها، بل هي حركة الرسالة المتجسدة في خطواتهم الفكرية والروحية والعملية.
وعلى ضوء ذلك فإن مسألة إحياء ذكريات الماضي التي تطل على الحاضر والمستقبل من خلال العبرة والموعظة والدرس ليست مسألة ضد الحضارية، بل تنطلق من عمق الحضارة الإنسانية فيما هي قيمة حركة الإنسان في صنع التاريخ، وإن أمة لا تعيش ذكرى تاريخها هي أمة لا تعيش روحية الإمتداد في المستقبل.
ثانيا: عاشوراء ليست فئوية
إن القاعدة الإسلامية القرآنية تركز على أن الماضي هو مسؤولية الذين عاشوه وصنعوه، سواء في الدوائر السلبية أو الإيجابية، وذلك قوله تعالى: (تلك أمة قد خلت لها ماكسبت ولكم ما كسبتم ولاتسئلون عما كانوا يعملون) ، فليس المجد التاريخي مجدا لنا بالمعنى الحركي للمجد، بل هو مجد الذي صنعوه، وعلينا في الو
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://fqheahlalbayt.forumarabia.com
 
استلهام المعاني الإنسانية لثورة الحسين (ع)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات هيئة فقه الرسول الأعظم وأهل البيت الأطهار والصحابة الأبرار :: منتدى مؤسسة المجتمع الحسيني ومسيرة الاصلاح-
انتقل الى: